كنت أنهار .. كنت أذبل كما تذبل الأزهار .. كادت دمائي تجف في عروقي كما تجف الأنهار .. كادت شعلة قلبي تطفأ كما تنطفئ النار .. باختصار كنت أتجه للدمار ! فجأة ! خيرت بين الموت أو الحياة ..بين الليل أو النهار .. و كان محتما علي الاختيار .. ماذا أفعل?! لم يكن بوسعي الفرار ... بعد التدبير و التفكير .. إتخذت القرار , قررت التغيير و قبلت النهار .. ثرت .. ثرت على نفسي كما تثور الشعوب على قادتها الطغاة .. ها أنا ذا أختاركي ..أختار الحياة .. و من منا لا يحب الحياة?!!!! فأنت الوحيدة القادرة على انتشالي من السبات و إعادتي من عالم الأموات .. و..و..و..و أن تهبني الحياة . لكن ماذا كان قرار الحياة ? كان .. كان من أكثر ما سمعت تأثيرا على قلبي .. لكنه لم يكن له ذاك المفعول السلبي المعتاد .. بشكل أوضح .. أعاد إلي أحد صفات الأحياء فأعاد إلي إرادتي .. التي ما لبثت أن تصدعت لفترة وجيزة في منتصف المشوار ,*** فعاد إلي نجم القديم الضعيف و قال لي محاولا ردعي : ما لك يا فتى تعطي نفسك أوهام و تحلم بأحلام و تختلق الأعذار ?!!! أتظن نفسك ستلحق بالقطار ?!! أو لا تعرف أن كلام الليل يمحوه النهار ? *** كان يظن نفسه قادرا على إعادة فرض أفكاره التعيسة من جديد و كان يصر و يزيد و يزيد فكان يريد أن يمنعني من التجديد .. كان كلامه كالوبال لا يتحمله أصلب الرجال .. تأكيده طال و هو يظن أني سأعود له لا محال .. ( لكنه لم يعرف أنك دائما في البال .. و ما دمت معي فأنا راسخ كالجبال فمعك أجابه الأبطال ... و لكي أبقى معك فإني مستعد للقتال بالرغم أني حين أكون بين يديك .. أكون كالأطفال ) ... كنت طيلة حديثه أعطيه ظهري و أضحك عليه فقد كان واثقا جدا من نفسه , .. فجأة ...عم قلبي هدوء و سكينة لم أعهدهما في حياتي .. أدرت وجهي .. و كانت المفاجأة !!!! لقد انتحر !!؟ لقد مات و لم يبقي إلا الذكريات .. لم يتحمل أنه لم يؤثر بموقفي المصيري .. لم يتحمل المقاومة فهو ضعيف ..كدت أشعر بالأسى عليه بعدما رأيت تلك النظرة الكليلة على وجهه ... و رأيت الدم يسيل في موكب جنائزي طويل , لاحظت في يده قصاصة ورقية كتب عليها بالدماء : إذا قرأت هذه العبارة فاعلم أني لم أمت بل في هذه اللحظة قد منحت الحياة , و اعلم أنك قد أصبحت نجم الحقيقي الذي لا يكتفي بأن يحلم .. بل يحقق ما قد حلم به , و أنا الآن انتهيت صامتا كما كنت أعيش صامتا .. لقد حان دورك الآن . لو كنت مكاني ماذا سيكون موقفك و إحساسك .. بالنسبة لي شعرت بالذهول لكل ما كان له حصول .. فالقصاصة الورقية كانت هي الرسول .. و ككل البشر تملكني الفضول .. فشرعت بالبحث عن دليل آخر على أمل إيصالي إلى معرفة ما هو مجهول .. وجدت قصاصة أخرى كانت في جيبه كتب عليها ( الحب ) .. ماذا يقصد بالحب ?!! فكرت قليلا و عندما لم أجد حلا لهذه المعضلة عاودت البحث فوجدت في جيب أخرى عبارة نقشت على قطعة حديدية : { إقرع الطبول و أبقي سيفك مسلول و ليكن الحب دليلك فليس للحب ذبول } ... حينها تبقنت أنه يسير بي إلى سر حياتي , بقيت ساعات و ساعات أفكر و لم أدع لعقلي أن يصيبه الخمول فكنت أعرف أنه لا بد للخير علي من حلول .. ليلتها ما كان للقمر علي بطلوع .. كانت تطل من عيني الدموع و لكنها لم تكن تستطع النزول فقد جف الينبوع ... قلبي كانت تضيق عليه الضلوع .. حتى لم أستطع التحمل فصرخت بكل ما أملك من قوة : { قللللللبي قلبي } , فجأة حدث شيء أغرب من الخيال .. لا أعرف كيف أن الألم زال .. كأن سحر ما قد حصل .. مشيت إليه واثق الخطى و انتزعت قميصه .. و كان ما دار في خلدي .. كان اسمك .. كان محفورا فوق صدره المدمى من سهام حبك