-
اخر المواضيع |
| ||||||||||||||||||
الاحاديث النبوية ّ ََ َاليكم هذا الموضوع الاحاديث النبوية َ َ موضوعنا هو الاحاديث النبوية مع الشرح المبسط لخاتم الانبياء واخر المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فكونوا معنا في هذه الرحلة العطرة نستمد من صاحبها الاسوة الحسنة والقدوة الصالحة أنتظرونا ََ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ َعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لو يُعطى الناس بدعواهم ، لادّعى رجالٌ أموال قوم ودماءهم ، لكن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر ) حديث حسن ، رواه البيهقي وغيره هكذا ، وبعضه في الصحيحين .َ َالشرح َ َجبل الله النفس على الضعف ، كما قال تعالى :َ َ { وخلق الإنسان ضعيفا } ( النساء : 28 ) ،َ َ وهذا الضعف يشمل الضعف النفسي ، والضعف البدني ، وقد يصبح الضعف في بعض الأحيان مولداً للأخلاق الرديئة ، والصفات الذميمة ، حتى يقود الإنسان إلى أن يدّعي على أخيه ما ليس من حقّه ، فيزعم أنه قد أخذ له مالاً ، أو سفك له دماً ، أو أخذ أرضا ، بدعوات كثيرة ليست مبنية على دليل أو برهان ، بل هي تهم باطلة قائمة على البغي والعدوان . ولو كانت الموازين البشرية أو مقاييسها هي المرجعية فيما يقع بين الناس من اختلاف ، لعمت الفوضى ، وانتشر الظلم ، وضاعت حقوق الناس ، وأُهدرت دماء واستبيحت أموال بغير حق ، لكن من رحمة الله أنه لم يترك الناس هملا ، ولم يكلهم إلى أنفسهم ، بل شرع لهم من الشرائع ما هو كفيل بتحقيق العدل والإنصاف بين الناس ، وما هو سبيل لتمييز الحق من الباطل ، بميزان لا يميل مع الهوى ، ولا يتأثر بالعاطفة ، ولكنه راسخ رسوخ الجبال ، قائم على الوضوح والبرهان . ومن هذا المنطلق أورد الإمام النووي رحمه الله هذا الحديث ، ليكون أصلا في باب القضاء بين الناس ، إذ هو منهج يجب أن يسير عليه كل من أراد أن يفصل بين خصومات الناس ، ليعود الحق إلى نصابه وأهله ، ويرتدع أصحاب النفوس المريضة عن التطاول على حقوق غيرهم . إن هذا الحديث يبيّن أن مجرد ادعاء الحق على الخصم لا يكفي ، إذا لم تكن هذه الدعوى مصحوبة ببينة تبين صحة هذه الدعوى ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لكن البيّنة على المدّعي ) . وتعريف البيّنة : اسم جامع لكل ما يظهر الحق ويبيّنه ، وعلى هذا فهناك أمور كثيرة يصدق عليها هذا المعنى ، فمن ذلك : الشهود ، فعندما يشهد الشهود على حق من الحقوق فإن ذلك من أعظم البراهين على صدق المدّعي ، ومن هنا أمرنا الله بالإشهاد في الدَّيْن حفظا لهذا الحق من الضياع فقال :َ َ { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } ( البقرة : 282 ) ََ.َ َومن البينات أيضا : إقرار المدعى عليه ، وهو في الحقيقة من أعظم الأدلة على صحة الدعوى ، كما ذكر ذلك الفقهاء ، ومن هذا الباب أيضا : القرائن الدالة على القضية ، وفهم القاضي للمسألة باختبار يجريه على المتخاصمين ، إلى غير ذلك من أنواع البيّنات . فإذا افتقرت هذه الخصومة إلى بينة تدل على الحق ، أو لم تكتمل الأدلة على صحتها ، توجه القاضي إلى المدعى عليه ، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالمنكر ، والمقصود أنه ينكر الحق الذي يطالبه به خصمه ، وينكر صحة هذه الدعوى . ويطلب القاضي من المدعى عليه أن يحلف على عدم صدق هذه الدعوى ، فإذا فعل ذلك ، برئت ذمته ، وسقطت الدعوى ، والدليل على ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن الأشعث بن قيس رضي الله عنه قال : " كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر ، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله : ( شاهداك أو يمينه ) . ولعل سائلا يسأل : لماذا اختص المدعي بالبينة ، والمنكر باليمين ؟ وما هي الحكمة من هذا التقسيم ؟ والجواب على ذلك : أن الشخص إذا ادعى على غيره أمرا ، فإنه يدعي أمرا خفيا يخالف ظاهر الحال ، فلذلك يحتاج إلى أن يساند دعواه تلك ببيّنة ظاهرة قوية تؤيد صحة دعواه ، بينما يتمسّك المنكر بظاهر الأمر ، ويبقى على الأصل ، فجاءت الحجة الأضعف – وهي اليمين – في حقه . فإذا لم يأت المدعي بالبينة ، وأنكر المدعى عليه استحقاق خصمه وحلف على ذلك ، لزم القاضي أن يحكم لصالح المنكر ، لأنه حكمه هذا مبني على ظاهر الأمر والحال . لكن ثمة أمر ينبغي التنبيه عليه ، وهو أن قضاء القاضي لا يحل حراما ولا يحل حلالا ، ولا يغير من حقائق الأمور ، لأن القاضي لا يعلم الغيب ، وقد يكون هناك من الأدلة الزائفة أو الشهادات الكاذبة ما يخفى عليه فيحكم بموجبها ، كما ثبت في البخاري و مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها ، َ َعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وأقضي له على نحو مما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ ، فإنما أقطع له قطعة من النار ) َ َ، وشدد النبي صلى الله عليه وسلم على تخويف الناس من أخذ الحرام فقال :َ َ( من حلف على يمين يستحق بها مالا هو فيها فاجر – أي كاذب - ، لقي الله وهو عليه غضبان ) ،َ َوأنزل الله تصديق ذلك :َ َ { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } ( آل عمران : 77 ) .َ َوعلى أية حال : فإن هذا الحديث تربية شاملة للأمة الإسلامية على الأمانة في أقوالهم ، والعدل في أحكامهم ، دون النظر إلى لون أو جنس أو معرفة سابقة ، وجدير بمجتمع يقوم على هذه القيم أن يكتب له التمكين على الأرض ََ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ َ{ الطهور شطر الإيمان }َ َعن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن – تملأ – ما بين السماوات والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك ، كل الناس يغدو فبائع نفسه ، فمعتقها أو موبقها ) رواه مسلم . الشرح كان من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في قومه ما أوتيه من الفصاحة والبلاغة في كلامه ؛ فعلى الرغم من كونه أميا لا يحسن القراءة و الكتابة إلا أنه أعجز الفصحاء ببلاغته ومن أبرز سمات هذا الإعجاز ما عُرف به من جوامع الكلم فإنه صلى الله عليه وسلم كان يرشد أمته ويوجهها بألفاظ قليلة تحمل في طيّاتها العديد من المعاني ولم تكن هذه الألفاظ متكلفة أو صعبة بل كانت سهلة ميسورة على جميع فئات الناس . وها نحن أيها القاريء الكريم ، نتناول أحد جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإن هذا الحديث قد اشتمل على العديد من التوجيهات الرائعة والعظات السامية ، تدعوا كل من آمن بالله ربا ، وبالإسلام دينا أن يتمسك بها ، ويعمل بمقتضاها . وأول ما ابتدأ به النبي صلى الله عليه وسلم وصيّته هو الطهور والطهور شرط الصلاة ، ومفتاح من مفاتيح أبواب الجنان ويقصد به الفعل الشرعي الذي يزيل الخبث ، ويرفع الحدث ولا تصح الصلاة إلا به ، ويشمل أيضا تطهير الثياب والبدن والمكان . وقد اختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( الطهور شطر الإيمان ) على أقوال ، منها : أن الإيمان الحقيقي يشمل طهارة الباطن والظاهر ، والوضوء يطهّر الظاهر وهذا يدل على أن الوضوء شطر الإيمان واستشهدوا بالحديث الذي رواه مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من توضأ فأحسن الوضوء ، خرجت خطاياه من جسده ، حتى تخرج من تحت أظفاره ) وقالوا أيضا : الطهارة هي شطر الصلاة ؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بطهور ومستند هذا القول أن المقصود بقوله في الحديث : ( شطر الإيمان ) هو : الصلاة ، ونظير ذلك قوله تعالى : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } ( البقرة : 143 ) أي : صلاتكم ، ومما قالوه أيضا : أن الطهور شطر الإيمان لأن الطهارة تُكفر صغائر الذنوب ، بينما الإيمان يكفر الكبائر فصار شطر الإيمان بهذا الاعتبار ، ولعل من الملاحظ أن هذه الأقوال متقاربة وكلها تصب في ذات المعنى . ثم انتقل الحديث إلى الترغيب في ذكر الله عزوجل ، فقال : ( والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن – تملأ – ما بين السماوات والأرض ) وهذا يبين عظيم الأجر المترتب على هذه الكلمات الطيبات فالحمد لله تملأ الميزان يوم القيامة وذلك لما اشتملت عليه من الثناء على الله سبحانه وتعالى والتبجيل له لذلك يستحب للعبد إذا دعا أن يقدم بين يديه الثناء الجميل مما يكون أدعى لقبول دعائه ثم إن الحمد والتسبيح يملآن ما بين السماء والأرض – بنص الحديث - والسرّ في ذلك : ما اجتمع فيهما من التنزيه للذات الإلهية والثناء عليها ، وما يقتضيه ذلك من الافتقار إلى الله وهذا ما جعل هاتين الكلمتين حبيبتين إلى الرحمن ، كما جاء في حديث آخر . وأما الصلاة ، فقد وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنور وإذا كان الناس يستعينون على الظلمة بالنور ، كي تتضح لهم معالم الطريق ويهتدوا إلى وجهتهم ، فذلك شأن الصلاة أيضا فهي نور الهداية الذي يلتمسه العبد ؛ حيث تمنع الصلاة صاحبها من المعاصي وتنهاه عن المنكر ، كما قال تعالى في كتابه : { وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت : 45 ) ويقوى هذا النور حتى يُرى أثره على وجه صاحبه ، قال الله تعالى : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } ( الفتح : 29 ) ولن تكون الصلاة نورا لصاحبها في الدنيا فحسب بل يشمل ذلك الدار الآخرة ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد ، بالنور التام يوم القيامة ) رواه الترمذي . وإذا كانت الصلاة من مظاهر العبودية البدنية ، فإن الصدقة تعد عبادة مالية يزكّي بها المسلم ماله ، ويطهّر بها روحه من بخلها وحرصها على المال لاسيما وأن النفوس قد جبلت على محبّة المال والحرص على جمعه كما قال الله عزوجل في كتابه : { وتحبون المال حبا جما } ( الفجر : 20 ) . ومن محاسن هذه العبادة – أي الصدقة - أن نفعها متعد إلى الغير إذ بها تُسدّ حاجة الفقير وتُشبع جوعته ، ويكفل بها اليتيم وغير ذلك من مظاهر تلاحم لبنات المجتمع المسلم الأمر الذي جعل هذه العبادة من أحب الأعمال إلى الله تعالى وبرهانا ساطعا على إيمان صاحبها ، وصدق يقينه بربّه . ولنقف قليلا مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( والصبر ضياء ) ، لنستوضح دقة هذا التعبير النبوي وروعته فإنه صلى الله عليه وسلم قد وصف الصبر بالضياء والضياء في حقيقته : النور الذي يصاحبه شيء من الحرارة والإحراق بعكس النور الذي يكون فيه الإشراق من غير هذه الحرارة ويوضّح هذا المعنى قوله تعالى : { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا } ( يونس : 5 ) فالشمس ضياء لأنها مشتملة على النور والحرارة والإحراق أما القمر فهو نور ، وإذا عدنا إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( والصبر ضياء ) أدركنا أن الصبر لابد أن يصاحبه شيء من المعاناة والمشقة وأن فيه نوعاً من المكابدة للصعاب فلا ينبغي للمسلم أن يعجزه ذلك أو يفتّ من عزيمته ولكن ليستعن بالله عزوجل ، ويحسن التوكل عليه ، حتى تمرّ المحنة ، وتنكشف الغمّة . ثم ينتقل بنا المطاف إلى الحديث عن القرآن الكريم فإن الله عزوجل أنزل كتابه ليكون منهاجا للمؤمنين وإماما لهم يبيّن لهم معالم هذا الدين ، ويوضّح لهم أحكامه ، ويأمرهم بكل فضيلة وينهاهم عن كل رذيلة ، فانقسم الناس نحوه إلى فريقين : فريق عمل بما فيه ، ووقف عند حدوده ، وتلاه حق تلاوته وجعله أنيسه في خلوته ، فذلك السعيد به يوم القيامة وفريق لم ينتفع به ، بل هجر قراءته ، وانحرف عن دربه ولم يعمل بأحكامه فإن هؤلاء يكون القرآن خصيما لهم يوم القيامة وبين هذا الفريق وذاك يقول الله عزوجل واصفا إياهما : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } ( الإسراء : 82 ). ثم يتوّج النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بوصية رائعة يحدد فيها أحوال الناس وطبائعهم ، إذ الناس سائرون في خضم هذه الحياة يغدون ويروحون ، يكدحون في تحقيق مآربهم وطموحاتهم والذي يفرُق بينهم : الهدف الذي يعيشون لأجله فمنهم من سعى إلى فكاك نفسه وعتقها من نار جهنم فباع نفسه لله تعالى ، ومنهم من جعل همّه الحصول على لذات الدنيا الفانية وشهواتها الزائلة ، فأهلك نفسه وباعها بثمن بخس قال الله عزوجل : { ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها } ( الشمس : 7 – 10 ) فمن زكّى نفسه ، فقد باعها لله ، واشترى بها الجنة ومن دسّ نفسه في المعاصي ، فقد خاب وخسر و كتبت عليه الشقاوة في الدنيا والآخرة ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته ََ ويكرمنا بدخول جنته .َ َ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية
تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ { قل آمنت بالله ثم استقم } َ َ عن أبي عمرو سفيان بن عبدالله الثقفي رضي الله عنه قال : قلت : " يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا ، لا أسأل عنه أحدا غيرك " . قال : ( قل آمنت بالله ، ثم استقم ) رواه مسلم في صحيحه . الشرح إن غاية ما يتطلع إليه الإنسان المسلم ، أن تتضح له معالم الطريق إلى ربّه فتراه يبتهل إليه في صلاته كل يوم وليلة أن يهديه الصراط المستقيم كي يتخذه منهاجا يسير عليه ، وطريقا يسلكه إلى ربه حتى يظفر بالسعادة في الدنيا والآخرة . ومن هنا جاء الصحابي الجليل سفيان بن عبدالله رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وانتهز الفرصة ليسأله عن هذا الشأن الجليل فجاءته الإجابة من مشكاة النبوة لتثلج صدره ، بأوضح عبارة وأوجز لفظ : ( قل آمنت بالله ، ثم استقم ) . إن هذا الحديث على قلة ألفاظه ، يضع منهجا متكاملا للمؤمنين وتتضح معالم هذا المنهج ببيان قاعدته التي يرتكز عليها وهي الإيمان بالله : ( قل آمنت بالله ) فهذا هو العنصر الذي يغير من سلوك الشخص وأهدافه وتطلعاته وبه يحيا القلب ويولد ولادة جديدة تهيئه لتقبل أحكام الله وتشريعاته ويقذف الله في روحه من أنوار هدايته ، فيعيش آمنا مطمئنا ناعما بالراحة والسعادة ، قال الله تعالى مبينا حال المؤمن : { أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } ( الأنعام : 122 ) فبعد أن كان خاوي الروح ، ميّت القلب ، دنيوي النظرة اذا بالنور الإيماني يملأ جنبات روحه ، فيشرق منها القلب وتسمو بها الروح ، ويعرف بها المرء حقيقة الإيمان ومذاقه. فإذا ذاق الإنسان حلاوة الإيمان ، وتمكنت جذوره في قلبه استطاع أن يثبت على الحق ، ويواصل المسير ، حتى يلقى ربّه وهو راض عنه ثم إن ذلك الإيمان يثمر له العمل الصالح ، فلا إيمان بلا عمل كما أنه لا ثمرة بلا شجر ، ولهذا جاء في الحديث : ( ثم استقم ) فرتّب الاستقامة على الإيمان فالاستقامة ثمرة ضرورية للإيمان الصادق ويجدر بنا في هذا المقام أن نستعرض بعضاً من جوانب الاستقامة المذكورة في الحديث . إن حقيقة الاستقامة ، أن يحافظ العبد على الفطرة التي فطره الله عليها فلا يحجب نورها بالمعاصي والشهوات ، مستمسكا بحبل الله كما قال ابن رجب رحمه الله : " والاستقامة في سلوك الصراط المستقيم وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها : الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها " وهو بذلك يشير إلى قوله تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ( الروم : 30 ). وقد أمر الله تعالى بالاستقامة في مواضع عدة من كتابه ، منها قوله تعالى : { فاستقم كما أمرت ومن تاب معك } ( هود : 112 ) وبيّن سبحانه هدايته لعباده المؤمنين إلى طريق الاستقامة كما قال عزوجل : { وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم } ( الحج : 54 ) وجعل القرآن الكريم كتاب هداية للناس ، يقول الله تعالى في ذلك : { كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد } ( إبراهيم : 1 ). ولئن كانت الاستقامة تستدعي من العبد اجتهاداً في الطاعة فلا يعني ذلك أنه لا يقع منه تقصير أو خلل أو زلل ، بل لا بد أن يحصل له بعض ذلك بدليل أن الله تعالى قد جمع بين الأمر بالاستقامة وبين الاستغفار في قوله : { فاستقيموا إليه واستغفروه } ( فصلت : 6 ) فأشار إلى أنه قد يحصل التقصير في الاستقامة المأمور بها وذلك يستدعي من العبد أن يجبر نقصه وخلله بالتوبة إلى الله عزوجل والاستغفار من هذا التقصير ، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم : ( استقيموا ولن تحصوا ) رواه أحمد وقوله أيضا : ( سددوا وقاربوا ) رواه البخاري . والمقصود منه المحاولة الجادة للسير في هذا الطريق والعمل على وفق ذلك المنهج على قدر استطاعته وإن لم يصل إلى غايته شأنه في ذلك شأن من يسدد سهامه إلى هدف ، فقد يصيب هذا الهدف وقد تخطيء رميته ، لكنه بذل وسعه في محاولة تحقيق ما ينشده ويصبو إليه . وللاستقامة ثمار عديدة لا تنقطع ، فهي باب من أبواب الخير وبركتها لا تقتصر على صاحبها فحسب ، بل تشمل كل من حوله ويفهم هذا من قوله تعالى : { وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا } ( الجن : 16 ) وتستمر عناية الله بعباده المستقيمين على طاعته حتى ينتهي بهم مطاف الحياة وهم ثابتون على كلمة التوحيد ، لتكون آخر ما يودعون بها الدنيا كما قال الله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ، نزلا من غفور رحيم } ( فصلت : 30 – 32 ) . وإذا أردنا أن تتحقق الاستقامة في البدن فلابد من استقامة القلب أولا لأن القلب هو ملك الأعضاء ، فمتى استقام القلب على معاني الخوف من الله ومحبته وتعظيمه ، استقامت الجوارح على طاعة الله ثم يليه في الأهمية : استقامة اللسان لأنه الناطق بما في القلب والمعبّر عنه . نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين َ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "يَعْقِدُ الشَّيْطانُ على قافِيةِ رأسِ أحَدِكُم إذا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ على كُلّ عُقْدَةٍ مَكانَها: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فارْقُدْ، فإنِ اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللّه تعالى انْحَلَّت عُقْدَةٌ فإن تَوْضأ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّها فأصْبَحَ نَشِيطاً طيب النَّفْسِ وإلاَّ أَصْبحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ" هذا لفظ رواية البخاري ورواية مسلم بمعناه، وقافية الرأس: آخره. َ َ الشرح إذا استيقظت من النوم فاجتهد أن تستيقظ قبل طلوع الفجر وليكن أول ما يجري على قلبك ولسانك ذكر الله تعالى فإنك إن فعلت ذلك ثم أتبعته بالوضوء ثم بالصلاة انبسطت نفسك ونشط جسمك بنص الحديث. وإن لم تفعل ما ذكر في الحديث من ذكر الله عز وجل والوضوء والصلاة شعرت بالضيق وقمت من نومك كسولا خاملا. وقد اختلف العلماء في العقد التي يعقدها الشيطان على قافية الرأس فقيل هي عقد حقيقية بمعنى عقد السحر للإنسان ومنعه من القيام قال الله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} فعلى هذا هو قول يقوله ويؤثر في تثبيط النائم كتأثير السحر وقيل يحتمل أن يكون فعلاً يفعله كفعل النفاثات في العقد وقيل هو من عقد القلب وتصميمه فكأنه يوسوس في نفسه ويحدثه بأن عليك ليلاً طويلاً فتأخر عن القيام وقيل هو مجاز كني به عن تثبيط الشيطان عن قيام الليل. وقوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا استيقظ فذكر الله عز وجل انحلت عقدة وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان فإذا صلى انحلت العقد فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) فيه فوائد: منها الحث على ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ وجاءت فيه أذكار مخصوصة مشهورة مثل: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور أصبحنا وأصبح الملك لله والعظمة والسلطان لله والعزة والقدرة لله رب العالمين أصبحنا على فطرة الاسلام وعلى كلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور اللهم إنا نسألك أن تبعثنا في هذا اليوم إلى كل خير ونعوذ بك أن نجترح فيه سوءا أو نجره إلى مسلم أو يجره أحد إلينا نسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه ونعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما فيه. ومنها التحريض على الوضوء حينئذ وعلى الصلاة وقوله صلى الله عليه وسلم: (فأصبح نشيطاً طيب النفس) معناه لسروره بما وفقه الله الكريم له من الطاعة ووعده به من ثوابه مع ما يبارك له في نفسه وتصرفه في كل أموره مع ما زال عنه من عقد الشيطان وتثبيطه. وقوله صلى الله عليه وسلم: (وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) معناه لما عليه من عقد الشيطان وآثار تثبيطه واستيلائه مع أنه لم يزل ذلك عنه وظاهر الحديث أن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة وهي الذكر والوضوء والصلاة فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان وليس في هذا الحديث مخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم خبثت نفسي" فإن ذلك نهي للإنسان أن يقول هذا اللفظ عن نفسه وهذا إخبار عن صفة غيره. والله أعلم. َ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ َان لم تستحي فافعل ماشئتَ َعن أبي مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ) رواه البخاري .َ َالشرح َ َالحياء زينة النفس البشرية ، وتاج الأخلاق بلا منازع ، وهو البرهان الساطع على عفّة صاحبه وطهارة روحه ، ولئن كان الحياء خلقا نبيلا يتباهى به المؤمنون ، فهو أيضا شعبة من شعب الإيمان التي تقود صاحبها إلى الجنة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : َ َ( الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ) رواه أحمد و الترمذي .َ َوالحق أن الحياء رافد من روافد التقوى ؛ لأنه يلزم صاحبه فعل كل ما هو جميل ، ويصونه عن مقارفة كل قبيح ، ومبعث هذا الحياء هو استشعار العبد لمراقبة الله له ، ومطالعة الناس إليه ، فيحمله ذلك على استقباح أن يصدر منه أي عمل يعلم منه أنه مكروه لخالقه ومولاه ، ويبعثه على تحمّل مشقة التكاليف ؛ ومن أجل ذلك جاء اقتران الحياء بالإيمان في غيرما موضع من النصوص الشرعية ، في إشارة واضحة إلى عظم هذا الخلق وأهميته . وقد عُرف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق واشتُهر عنه ، حتى قال عنه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ذلك : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ) ، وهكذا نشأ الأنبياء جميعا على هذه السجيّة ، فلا عجب إذا أن يصبح الحياء هو الوصية المتعارف عليها ، والبقية الباقية من كلام النبوة الأولى ، والتي يبلغها كل نبي لأمته وللحياء صور متعددة ، فمنها : حياء الجناية ، ومعناه : الحياء من مقارفة الذنب مهما كان صغيراً ، وذلك انطلاقا من استشعار العبد لمخالفته لأمر محبوبه سبحانه وتعالى ، ومن هذا الباب اعتذار الأنبياء كلهم عن الشفاعة الكبرى حينما يتذكرون ما كان منهم من خطأ – وإن كان معفوا عنه - ، وكان الإمام أحمد بن حنبل يكثر من قول : َ َإذا ما قال لــي ربي *** أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي*** وبالعصيــان تأتيني فما قـولي له لــما *** يعاتبنــي ويُقصيني َ َوهناك نوع آخر من الحياء ، وهو الحياء الذي يتولد من معرفة العبد لجلال الرب ، وكمال صفاته ، ويكون هذا الحياء دافعا له على مراقبة الله على الدوام ؛ لأن شعاره هو قول القائل : " لا تنظر إلى صغر الخطيئة ، ولكن انظر إلى عظم من عصيته " . ويمكن أن يُضاف نوع ثالث ، وهو حياء النساء ، ذلك الحياء الذي يوافق طبيعة المرأة التي خُلقت عليها ، فيزيّنها ويرفع من شأنها ،واستمع إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إذ تقول : " كنت أدخل بيتي الذي دُفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي ، فأضع ثوبي – أي أطرحه - فأقول : إنما هو زوجي وأبي ، فلما دُفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة عليّ ثيابي ؛ حياء من عمر " . فإذا اكتمل الحياء في قلب العبد ، استحيا من الله عزوجل ومن الناس ، بل جرّه حياؤه إلى الاستحياء من الملائكة الكرام ، ولهذا جاء في الحديث : َ َ( من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا ، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) رواه مسلم .َ َلقد جسّد النبي صلى الله عليه وسلم الحياء في سلوكيات عملية ، تدرّب المرء على هذا الخلق النبيل ، فعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :َ َ ( استحيوا من الله حق الحياء ) ، قلنا : يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله ، قال : ( ليس ذاك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، ولتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ) رواه الترمذي َ َ، وهذا التصوير النبوي لخلق الحياء ، يدلّنا ويرشدنا إلى أسباب وصول أمتنا لهذا المستوى من الذلّ والمهانة ، إننا لم نستح من الله حق الحياء ؛ فأصابنا ما أصابنا ، ولو كنا على المستوى المطلوب من خلق الحياء ، لقدنا العالم بأسره ، فالحياء ليس مجرّد احمرار الوجه وتنكيس الرأس ، بل هو معاملة صادقة ، وإخلاص تام في حق الخالق والمخلوق . ولعل مما يحسن التنبيه إليه في هذا الباب أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - بحجة الحياء من الناس – قصور في الفهم ، وخطأ في التصوّر ؛ لأن الحياء لا يأتي إلا بخير ، والنبي صلى الله عليه وسلم على شدة حيائه ، كان إذا كره شيئا عُرف ذلك في وجهه ، ولم يمنعه الحياء من بيان الحق ، وكثيرا ما كان يغضب غضبا شديدا إذا انتُهكت محارم الله ، ولم يخرجه ذلك عن وصف الحياء . وبعد ، فهذه جولة سريعة مع خلق الحياء ، عرفنا فيها معالمه وفضائله ، وصوره وجوانبه ، وجدير بنا أن نحرص على هذا الخلق النبيل ، وأن نجعله شعار لنا حتى نلقى ربنا الجليل .ََ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ { احفظ الله يحفظك} َ َ عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي وقال :" حديث حسن صحيح ". وفي رواية الإمام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك وما أَصابك لم يكن ليخطئك واعلم أَن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا ) . الشرح اصطفى الله تعالى هذه الأمة من بين سائر الأمم ، ليكتب لها التمكين في الأرض وهذا المستوى الرفيع لا يتحقق إلا بوجود تربية إيمانية جادة تؤهلها لمواجهة الصعوبات التي قد تعتريها ، والأعاصير التي قد تحيق بها في سبيل نشر هذا الدين ، وإقامة شرع الله في الأرض . ومن هذا المنطلق ، حرص النبي صلى الله عليه وسلم على غرس العقيدة في النفوس المؤمنة ، وأولى اهتماما خاصا للشباب ولا عجب في ذلك! ، فهم اللبنات القوية والسواعد الفتية التي يعوّل عليها نصرة هذا الدين ، وتحمّل أعباء الدعوة . وفي الحديث الذي نتناوله ، مثال حيّ على هذه التنشئة الإسلامية الفريدة للأجيال المؤمنة في عهد النبوة ، بما يحتويه هذا المثال على وصايا عظيمة وقواعد مهمة ، لا غنى للمسلم عنها . وأولى الوصايا التي احتواها هذا الحديث ، قوله صلى الله عليه وسلم : ( احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ) إنها وصية جامعة ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله تعالى ، ويلتزم بأوامره ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما خلقت له فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل مصداقا لما أخبرنا الله تعالى في كتابه حيث قال : { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } ( البقرة : 40 ) وقال أيضا : { فاذكروني أذكركم } ( البقرة : 152 ) . وهذا الحفظ الذي وعد الله به من اتقاه يقع على نوعين : الأول : حفظ الله سبحانه وتعالى لعبده في دنياه ، فيحفظه في بدنه وماله وأهله ويوكّل له من الملائكة من يتولون حفظه ورعايته كما قال تعالى : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } ( الرعد : 11 ) أي : بأمره ، وهو عين ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم كل صباح ومساء : ( اللهم إني أسألك العفو والعافية ، في ديني ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ) رواه أبو داوود و ابن ماجة وبهذا الحفظ أنقذ الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام من النار وأخرج يوسف عليه السلام من الجبّ وحمى موسى عليه السلام من الغرق وهو رضيع وتتسع حدود هذا الحفظ لتشمل حفظ المرء في ذريّته بعد موته كما قال سعيد بن المسيب لولده : " لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفظ فيك " وتلا قوله تعالى : { وكان أبوهما صالحا } ( الكهف : 82 ) . الثاني : حفظ الله للعبد في دينه ، فيحميه من مضلات الفتن ، وأمواج الشهوات ولعل خير ما نستحضره في هذا المقام : حفظ الله تعالى لدين يوسف عليه السلام على الرغم من الفتنة العظيمة التي أحاطت به وكادت له يقول الله تعالى في ذلك : { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } ( يوسف : 24 ) وتستمر هذه الرعاية للعبد حتى يلقى ربّه مؤمنا موحدا . ولكن الفوز بهذا الموعود العظيم يتطلب من المسلم إقبالا حقيقيا على الدين واجتهادا في التقرب إلى الله عزوجل ، ودوام الاتصال به في الخلوات وهذا هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية لهذا الحديث : ( تعرّف إلى الله في الرخاء ، يعرِفك فـي الشدة ) فمن اتقى ربه حال الرخاء ، وقاه الله حال الشدّة والبلاء . ثم انتقل الحديث إلى جانب مهم من جوانب العقيدة ويتمثّل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس : ( إذا سأَلت فاسأَل الله ) وسؤال الله تعالى والتوجه إليه بالدعاء من أبرز مظاهر العبوديّة والافتقار إليه بل هو العبادة كلها كما جاء في الحديث : ( الدعاء هو العبادة ) وقد أثنى الله على عباده المؤمنين في كتابه العزيز فقال : { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين } ( الأنبياء : 90 ). وإن من تمام هذه العبادة ترك سؤال الناس فإن في سؤالهم تذلل لهم ومهانة للنفس ولا يسلم سؤالهم من منّة أو جرح للمشاعر ، أو نيل من الكرامة كما قال طاووس لعطاء رحمهما الله : " إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه ، وجعل دونك حجابه وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ووعدك أن يجيبك " وصدق أبو العتاهية إذ قال : لا تسألن بني آدم حاجـة وسل الذي أبوابه لا تُحجب فاجعل سؤالك للإله فإنمـا في فضل نعمة ربنـا تتقلب وقد أثنى الله على عباده المتعففين فقال : { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا } ( البقرة : 273 ) وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم رهطا من أصحابه على ترك سؤال الناس وكان منهم أبوبكر الصديق و أبو ذر الغفاري و ثوبان رضي الله عنهم أجمعين ، فامتثلوا لذلك جميعا حتى إن أحدهم إذا سقط منه سوطه أو خطام ناقته لا يسأل أحدا أن يأتي به . إن ما سبق ذكره من الثناء على المتعفّفين إنما هو متوجه لمن تعفّف عن سؤال الناس فيما يقدرون عليه ، وما يملكون فعله أما ما يفعله بعض الجهلة من اللجوء إلى الأولياء والصالحين الأحياء منهم أو الأموات ليسألونهم ويطلبون منهم أعمالاً خارجةً عن نطاق قدرتهم فهذا صرفٌ للعبادة لغير الله عزوجل وبالتالي فهو داخل تحت طائلة الشرك . وفي قوله : ( وإذا استعنت فاستعن بالله ) أمر بطلب العون من الله تعالى دون غيره لأن العبد من شأنه الحاجة إلى من يعينه في أمور معاشه ومعاده ومصالح دنياه وآخرته ، وليس يقدر على ذلك إلا الحي القيوم الذي بيده خزائن السموات والأرض ، فمن أعانه الله فلا خاذل له ومن خذله الله فلن تجد له معينا ونصيرا ، قال تعالى : { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده } ( آل عمران : 160 ) ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قول : ( اللهم أعني ولا تعن علي) وأمر معاذا رضي الله عنه ، ألا يدع في دبر كل صلاة أن يقول ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه النسائي وأبو داود . وإذا قويت استعانة العبد بربّه ، فإن من شأنها أن تعمّق إيمانه بقضاء الله وقدره والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله ، وعندها لا يبالي بما يكيد له أعداؤه ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه ، ولم يُكتب في علم الله كما قال سبحانه : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير } ( الحديد : 22 ) . ولما وعى سلفنا الصالح هذه الوصية ، أورثهم ذلك ثباتا في العزيمة وتفانيا في نشر هذا الدين ، غير مبالين بالصعوبات التي تواجههم والآلام التي تعتريهم ، لأنهم علموا أن طريق التمكين إنما يكون بالعمل بهذه الوصية النبوية ، وأن الفرج يأتي من بعد الكرب وأن العسر يعقبه اليسر وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام فما كُتب النصر ل نوح عليه السلام إلا بعد سلسلة طويلة من الجهاد مع قومه ، والصبر على أذاهم وما أنجى الله نبيه يونس عليه السلام من بطن الحوت إلا بعد معاناة طويلة عاشها مستغفرا لربّه ، راجيا فرجه معتمدا عليه في كل شؤونه ، حتى انكشفت غمّته وأنقذه من بلائه ومحنته وهكذا يكون النصر مرهونا بالصبر على البلاء والامتحان . إننا نستوحي من هذا الحديث معالم مهمة ، ووصايا عظيمة من عمل بها ، كتبت له النجاة ، واستنارت له عتبات الطريق فما أحوجنا إلى أن نتبصّر كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته ونستلهم منها الحلول الناجعة لمشكلات الحياة ونجعلها السبيل الأوحد للنهضة بالأمة نحو واجباتها . َ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية ََ((اتق الله حيثما كنت))َ َعن أبي ذر جندب بن جنادة ، و أبي عبد الرحمن معاذ بِن جبل رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) . رواه الترمذي وقال: حديث حسن .َ َالتقوى هي سفينة النجاة ، ومفتاح كل خير ، كيف لا ؟ وهي الغاية العظمى ، والمقصد الأسمى من العبادة ؟ ، إنها محاسبة دائمة للنفس ، وخشية مستمرة لله ، وحذر من أمواج الشهوات والشبهات التي تعيق من أراد السير إلى ربه ، إنها الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعدادُ ليوم الرحيل . من هنا كانت التقوى هي وصية الله للأولين والآخرين من خلقه ، قال تعالى َ َ { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله } ( النساء : 131 ) ،َ َوهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لجميع أمته ، ووصية السلف بعضهم لبعضهم ، فلا عجب إذا أن يبتدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيحته ل معاذ بن جبل و أبي ذر رضي الله عنهما . والتقوى ليست كلمة تقال ، أو شعاراً يرفع ، بل هي منهج حياة ، يترفّع فيه المؤمن عن لذائذ الدنيا الفانية ، ويجتهد فيه بالمسابقة في ميادين الطاعة ، ويبتعد عن المعاصي والموبقات ، وقد جسد أبي بن كعب رضي الله عنه هذا المعنى لما سئل عن التقوى ؟ فقال : " هل أخذت طريقا ذا شوك ؟ قال : نعم ، قال : فكيف صنعت؟ قال : إذا رأيت الشوك عزلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه ، قال : ذاك التقوى " وقد أخذ ابن المعتز رحمه الله هذا المعنى ، وصاغه بأبيات بديعة من الشعر فقال :َ َ خل الذنوب صغيـــرها** وكبيــرها ذاك التقـى واصنع كمـــاش فوق أر** ض الشوك يحذر ما يرى لا تحقـــرن صغيــرة ** إن الجبـال من الحصىَ َومن تمام التقوى ، أن يترك العبد ما لا بأس به ، خشية أن يقع في الحرام ، ويشهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : َ َ( فمن اتقى الشبهات ، فقد استبرأ لدينه وعرضه ) رواه مسلم ،َ َوفي هذا المعنى يقول أبو الدرداء رضي الله عنه : "تمام التقوى ، أن يتقي الله العبد ، حتى يتقيه من مثقال ذرة ، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال ، خشية أن يكون حراما ، فيكون حجابا بينه وبين الحرام ، فإن الله قد بيّن للعباد الذي يصيرهم إليه فقال :َ َ { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } ( الزلزلة : 7 - 8 ) " ،َ َ فلا تحقرن شيئا من الخير أن تفعله ، ولا شيئا من الشر أن تتقيه . وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( اتق الله حيثما كنت ) تنبيه للمؤمن على ملازمة التقوى في كل أحواله ، انطلاقاً من استشعاره لمراقبة الله له في كل حركاته وسكناته ، وسره وجهره ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( اتق الله حيثما كنت ) إشارة إلى حقيقة التقوى ، وأنها خشية الله في السرّ والعلن ، وحيث كان الإنسان أو صار ، فمن خشي الله أمام الناس فحسب فليس بتقي ، وقد قال تعالى في وصف عباده المؤمنين :َ َ { من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ، ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود } ( ق : 33 - 34 ) .َ َوقد يظن ظان أن المتقي معصوم من الزلل ، وهذا خطأ في التصور ؛ فإن المتقي قد تعتريه الغفلة ، فتقع منه المعصية ، أو يحصل منه التفريط في الطاعة ، وهذه هي طبيعة البشر المجبولة على الضعف ، ولكن المتقي يختلف عن غيره بأنه إذا تعثّرت به قدمه ، بادر بالتوبة إلى ربه ، والاستغفار من ذنبه ، ولم يكتف بذلك ، بل يتبع التوبة بارتياد ميادين الطاعة ، والإكثار من الأعمال الصالحة ، كما أمره ربه في قوله : َ َ{ وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين } ( هود : 114 )َ َ ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها ) . ولئن كانت التقوى صلة مع الله تبارك وتعالى ، وتقرّبا إليه ، فهي أيضا إحسان إلى الخلق ، وطيبة في التعامل ، وإعطاء كل ذي حق حقه ، وهكذا يظهر لنا التكامل والتناسق في القيم الإيمانية ، فإن الأخلاق الحميدة رافد من روافد التقوى ، وشعبة من شعب الإيمان . وللأخلاق الفاضلة مكانة عظيمة في شريعتنا ، فإنها تثقل ميزان العبد يوم الحساب ، ويبلغ بها درجة الصائم القائم ، وهو سبب رئيس في دخول الجنة ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ ، قال :َ َ( تقوى الله ، وحسن الخلق ) رواه أحمد .َ َوإذا عرفنا ذلك ، فإن هناك وسائل تعين العبد على التخلق بالأخلاق الحسنة ، أعلاها : التأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء ، لاسيما وأنهم أعلى الناس خلقا ، وأوفرهم أدبا ، فإذا أراد المسلم التحلي بالصبر ، قرأ قصة نبي الله يوسف عليه السلام ، وإذا أراد التخلّق بالحلم ، نظر إلى حلم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه ، وهكذا ينهل من أخلاق الأنبياء ، ويتعلّم منهم شمائل الخير كلها . وبعد : فقد تبيّن لنا من خلال هذا الحديث معاني التقوى وأحوالها ، كما تبيّن لنا أيضا أن الإسلام يقبل من العاصي توبته ، ولا يطرده من رحمة الله ، وظهرت لنا معالم الخلق الحسن وأهميته ، فجدير بنا أن نعمل بهذه الوصايا الثلاث ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده المتقين، آمين.َ َ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ َ{ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة}َ َعن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته ) رواه مسلم .َ َإن المتطلع إلى مبادئ ديننا الحنيف ، ليبهره جوانب التكامل في تشريعاته ، مما يجعله موقنا بتفرد الإسلام في شموليته ، فهو يدعو الإنسان إلى أن يحسن صلته بخالقه ، وفي الوقت ذاته يضع الأسس المتينة ، والقواعد الراسخة في تعامله مع غيره من الخلق . ومن هنا تظافرت نصوص الكتاب والسنة مؤيدة لهذه الرؤية ، وموضحة لمعالمها ، وجعلت الإحسان هو الأساس الذي تنبثق منه هذه العلاقات ، وقد نبهنا الله سبحانه وتعالى إلى ذلك في كتابه العزيز فقال :َ َ { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } ( النحل : 90 ) َ َفبيّن وجوب العمل بمقتضى الإحسان ، وأحاط العاملين بها بمعيّته الخاصة ، وشملهم برعايته وتأييده َ َ كما قال عزوجل : { وإن الله لمع المحسنين } ( العنكبوت : 69 ) َ َكذلك فإنه قد بيّن السبل لتحقيق ذلك في الكثير من المواضع ، ومن جملتها ، الحديث الذي بين أيدينا والذي جاء موضحا كيفية الإحسان إلى الخلق . فبعد أن قرّر النبي صلى الله عليه وسلم وجوب الإحسان في كل ميدان ، وعلى كل شيء وأكّد على ذلك بقوله : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ) ، عرّج بعدها بذكر مثالين اثنين ، يلزم الإنسان المسلم فيهما مراعاة الإحسان ، والمحافظة عليه . ففي قوله : ( فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) ، توجيه نبوي إلى الإحسان في هيئة القتل ، ويكون ذلك بالإسراع في إزهاق النفس التي أبيح دمها حال القصاص أو حال الحرب ، ولئن جاز للمسلمين معاملة من حاربهم بالمثل ، فإن ذلك لا يبيح لهم التمثيل بالقتلى ، والتشويه للجثث بدون سبب شرعي ، لما في ذلك من منافاة للمثل العليا التي يدعو إليها ديننا الحنيف . ويدخل ضمن الأمر بإحسان القتل ، تحريم التعذيب بالنار ، وليس ذلك للبشر فحسب ، بل حتى للحيوانات والحشرات ، فقد روى الإمام البخاري رحمه الله أن َ َالنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تعذبوا بعذاب الله ) َ َ وهذا يؤكد حرص الإسلام على اختيار أيسر الطرق المؤدية إلى خروج الروح عند تحتّم القتل . ثم انتقل الحديث بعد ذلك إلى قضية الإحسان في الذبح ، بآدابه الراقية التي تجسد معاني الرفق بالحيوان ، وقد ذكر العلماء هذه الآداب في كتب الفقه ، وأسهبوا في شرحها ، فمن ذلك : أن يذبح البهيمة بآلة حادة ، تعجّل من خروج روحها ، وإنهار دمها ، فلا تتعذب كثيرا ، يؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد و ابن ماجة ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحد الشفار " ، وقد جعل العلماء ذلك شرطا في آلة الذبح ، كماجاء في الحديث :َ َ ( ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوه ، ليس السن والظفر ) رواه الشيخان .َ َومن الإحسان في الذبح ، ألا يقوم الذابح بحد شفرته أمام الذبيحة ، فقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة ، وهو يحد شفرته ، وهي تلحظ إليه ببصرها فقال :َ َ ( أتريد أن تميتها موتات ؟، هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ؟ ) رواه الحاكم َ َ، وكذلك فإنه يستحب له أن لا يذبح ذبيحة بحضرة أخرى ، ولا يظهر السكين أمام الذبيحة إلا عند مباشرته للذبح . ومن الرفق بالذبيحة ، أن تساق إلى المذبح سوقا هينا ، فلا يجرّها بأذنها ، أو يسوقها سوقا عنيفا ، كما ذكر ذلك الإمام أحمد ، فإذا أراد أن يذبحها ، فعليه أن يضجعها على شقها الأيسر برفق ، لما ثبت في صحيح الإمام مسلم رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن ، فأتى به ليضحي به ، فقال لها : ( يا "عائشة" ، هلمي المدية) ، ثم قال : ( اشحذيها بحجر ) ، ففعلت ، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ، ثم ذبحه " ، وقد صرّح الإمام النووي بوقوع الإجماع على هذه المسألة ، واستحب الشافعية أيضا عرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها . وبعد أن يسمّي ، يسرع في قطع الأوداج ، وإنهار الدم ، حتى يريح الذبيحة ، ولا يباشر بقطع شيء منها ، أو سلخها ، حتى تتم الذكاة وتخرج الروح ، ولا ينبغي له أن يبالغ في الذبح حتى يقطع الرأس ، فإن ذلك مناف للإحسان إليها . إن كل ما سبق ، يزيد المرء إيمانا بكمال هذا الدين ، وتناوله لجميع نواحي الحياة ، وبهذا المنهج الرباني الذي يتألق سموا بتلك المعاني السامية ، يمكن للبشرية أن تخرج من ظلمات التيه ، لتقتبس من نور الإسلام ، وترتبط بخالقها جلّ وعلا برباط محكم وثيق ، فتعيش آمنة مطمئنة ، وهذا ما نتطلع إلى حصوله بإذن الله العلي القدير .َ َ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ َ{ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه }َ َعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه ) رواه البخاري و مسلم .َ َنشأ العرب في جاهليتهم على بعض القيم الرفيعة والخصال الحميدة ، وسادت بينهم حتى صارت جزءاً لا يتجزّأ من شخصيتهم ، يفتخرون بها على من سواهم ويسطّرون مآثرها في أشعارهم . وتلك الأخلاق العظيمة التي امتازوا بها ، لم تأت من فراغٍ ولكنها نتاج طبيعي من تأثّر أسلافهم بدعوة نبي الله إبراهيم عليه السلام ، حتى اعتادوا عليها وتمسّكوا بها عند معاملتهم للآخرين ، ثم ما لبث فجر الإسلام أن بزغ ، فجاءت تعاليمه لترسي دعائم تلك الأخلاق وتعمق جذورها في نفوس المؤمنين ، والتي كان منها : الحث على إكرام الضيف ، والحفاوة به . إن إكرام الضيف يمثل سمة بارزة للسمو الأخلاقي الذي تدعو إليه تعاليم الشريعة ، والتخلق بها يعدّ مظهرا من مظاهر تمام الإيمان وكماله ، ويكفينا دلالة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي بين أيدينا : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه ) وليس المقصود من الحديث نفي مطلق الإيمان عمّن لم يأت بهذا الخلق - أو غيرها من الخصال المذكورة إنما أريد به المبالغة في الحث على المسارعة في الامتثال لهذه الأوامر ، كما يقول القائل : " إن كنت ابني فأطعني " ويعنون بذلك تشجيع الولد على طاعة أبيه فهو إذا : تشجيع على التمسك بتلك الفضائل . وقد وعى المؤمنون في الصدر الأول ذلك جيدا وفهموا المراد منه ، فصار للضيافة شأن عظيم في حياتهم فلا عجب أن تنقل لنا كتب السير في هذا المضمار من الأمثلة أروعها ، ومن المواقف أسماها يأتي في مقدمتها ما رواه الإمام مسلم رحمه اللهَ َ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه ضيف فلم يجد ما يضيفه به ، فقال لأصحابه : ( من يضيف هذا الليلة رحمه الله ) فقام رجل من الأنصار فقال : " أنا يا رسول الله " ، فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته : " هل عندك شيء ؟ " قالت : " لا ، إلا قوت صبياني " ، قال : " فعلّليهم بشيء ، فإذا دخل ضيفنا فأطفيء السراج وأريه أنّا نأكل ، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه " قال : فقعدوا وأكل الضيف ، فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة ) َ َ إن هذا الموقف العظيم ، وهذا التفاني في إسداء الكرم للضيف لثمرة من ثمار إيمانهم العميق بثواب الله وأجره . وبعد أن عرفنا مكانة الضيافة في منظومة الأخلاق وقدرها عند الله ، فإنه يجدر بنا أن نقف وقفة سريعة مع بعض الآداب التي ينبغي مراعاتها في الضيافة فمن ذلك : أن يدعو الإنسان لضيـافته الأتقياء والصالحين ويتجنب دعوة الفسقة من الناس ، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ولا يأكل طعامك إلا تقي ) كذلك فإنه يدعو لضيافته دون تمييز بين الفقير والغني فإن هذا من التواضع الذي ينبغي أن يتحلّى به المؤمن وقد جاء في الحديث :َ َ( شر الطعام طعام الوليمة ، يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ) متفق عليه َ َ فإذا حضر ضيوفه ، يستقبلهم عند بابه ، ويبشّ عند قدومهم ويطيب في حديثه معهم ، وقد سئل الأوزاعي رحمه الله : " ما إكرام الضيف ؟ " ، قال : " طلاقة الوجه ، وطيب الكلام " وقال الشاعر :َ َ وإني لطلق الوجه للمبتغي القــِرى** وإن فنــائي للقــرى لرحيب أضاحك ضيفي عند إنزال رحلـــه ** فيخـصب عنـدي والمحل جديب وما الخصب للأضياف أن يُكثر القِرى** ولكنـما وجه الكــريم خصيب َ َفإذا حضر وقت الطعام ، فإنه يأتيهم بما تسير له ولا ينبغي له أن يتكلف ما لايستطيع ؛ فإن هذا مخالف للهدي النبوي ، وفيه أذى وإحراج للضيف من ناحية أخرى ومن إكرام الضيف : أن يخرج معه إلى باب الدار عند توديعه فإن ذلك يشعره بمدى الحفاوة به ، والفرحة بحصول زيارته . ولئن كان الإسلام قد أولى العناية بحق الضيف على بعده وقلّة حضوره ، فإن اهتمامه بالجار من باب أولى وحسبنا دلالة على ذلك : أن الله تعالى قرن الأمر بالإحسان إليه مع الأمر بعبادته سبحانه ، قال تعالى : َ َ{ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب } ( النساء : 36 ) َ َوأكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحق في قوله : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) .َ َومن هنا كان إيذاء الجار من كبائر الذنوب عند الله عزوجل بل هو منافٍ لكمال الإيمان ، وقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :َ َ ( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ) قيل : "ومن يا رسول الله ؟ " قال : ( الذي لا يأمن جاره بوائقه ) َ َ أي لا يسلم من شره وأذاه . ولاشك أن الإحسان إلى الجار قربة عظيمة إلى الله تعالى ، ومن هنا جعل الإسلام له حقوقا عديدة من جملتها : أن يمدّ جسور المحبة بينه وبين جيرانه وأن يأتي كل ما من شأنه أن يوطّد هذه العلاقة ويزيدها قوة ، فيتعهّده دائما بالزيارة والسؤال عن أحواله ويمدّ له يد العون في كل ما يحتاجه ويقف معه في الشدائد والنوائب التي قد تصيبه ويشاركه في أفراحه التي تسعده . ومن حقوقه أيضا : أن يستر ما يظهر له من عيوبه ويحفظ عينه من النظر في عوراته ، ويتواصل معه بالهدايا بين الحين والآخر ؛ فإن ذلك يزيد الألفة ويقوي المحبة ، مهما كانت الهدية قليلة القدْر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال :َ َ ( لا تحقرن جارة جارتها ، ولو فرسن شاة ) رواه البخاري و مسلم ، والفرسن : هو عظم قليل اللحم .َ َإن الإحسان إلى الجار ، والكرم مع الضيف يعدان من مظاهر التكافل الاجتماعي الذي يدعو إليه الإسلام هذا وقد ذكر الحديث شعبة أخرى من شعب الإيمان وهي المتمثلة في قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ) ففيه دعوة إلى الكلمة الطيبة من ناحية ، ومن ناحية أخرى تحذير من إطلاق اللسان فيما لا يرضي الله تبارك وتعالى . وقد تظافرت نصوص الكتاب والسنة على بيان خطر هذه الجارحة فكم من كلمة أودت بصاحبها في نار جهنم وكم من كلمة كانت سببا لدخول الجنة وقد ثبت في البخاري و مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :َ َ ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ينزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) .َ َوهكذا أيها القارئ الكريم ، يتبين لنا مما سبق بعضا من الجوانب المشرقة والأخلاق الرفيعة التي يدعو إليها الإسلام ، ويحث على التمسك بها فما أجمل أن نتخلق بها ، ونتخذها نبراسا ينير لنا الطريق .ََ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية
تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية ََ{من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه}َ َعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه ) حديث حسن رواه الترمذي وغيره .َ َأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى الطريق الذي يبلغ به العبد كمال دينه وحسن إسلامه ، وصلاح عمله ، فبيّن أن مما يزيد إسلام المرء حسنا ، أن يدع ما لا يعنيه ولا يفيده في أمر دنياه وآخرته . وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( من حسن إسلام المرء ، ترك ما لا يعنيه ) توجيه للأمة بالاشتغال بما ينفعها ، ويقرّبها من ربّها كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( احرص على ما ينفعك ) فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام الأوقات بالخيرات ، فإن الدنيا مزرعة للآخرة وعمر الدنيا قصير ، فهو كظل شجرة ، يوشك أن يذهب سريعا لذا فالإنسان العاقل الذي جعل الآخرة همّه ، والجنة مأربه يغتنم أوقاته كلها ، وقد أحسن الشاعر إذ قال : َ َاغتنم ركعتين في ظلمة الليــ ـل** إذا كنت فارغا مستريحا وإذا ما هممت بالخوض في البـا** طـل فاجعل مكانه تسبيحا َ َإن اهتمام المرء وانشغاله بما يعنيه فيه فوائد عظيمة فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية فمن اشتغل بالناس نسي أمر نفسه ، وأوشك اشتغاله بالناس أن يوقعه في أعراضهم بالقيل والقال ، كما أن انشغال المرء بنفسه وبما يعينه فيه حفظ للوقت ، ومسارعة في الخير فضلا عما يورثه ذلك على مستوى المجتمع من حفظ الثروات وتنمية المكتسبات ، وإشاعة روح الجدية والعمل ، والإخاء والتعاون . والتَرك المقصود في هذا الحديث يشمل أمورا كثيرة منها ترك فضول النظر ، لما في التطلع إلى متاع الدنيا من إفساد للقلب ، وإشغال للبال ، يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه } ( طه : 131 ) : " أي: لا تمد عينيك معجبا، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والممتعين بها، من المآكل والمشارب اللذيذة والملابس الفاخرة، والبيوت المزخرفة، والنساء المجملة فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا، تبتهج بها نفوس المغترين وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة القوم الظالمون، ثم تذهب سريعا، وتمضي جميعا وتقتل محبيها وعشاقها، فيندمون حيث لا تنفع الندامة " . ومن الأمور التي يشملها الترك في الحديث : ترك فضول الكلام ولغو الحديث ؛ لأنه يتعلق بجارحة خطيرة ألا وهي جارحة اللسان ، يشهد لما قلناه ما جاء في الرواية الأخرى لهذا الحديث : ( إن من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه ) رواه أحمد . َ َوقد امتدح الله عباده المؤمنين بقوله : { والذين هم عن اللغو معرضون } ( المؤمنون : 3 ) ، فمن صان لسانه عن فضول القول سَلِمَ من انزلاقه فيما لا يحبه الله ويرضاه ، وحمى منطقه من الغيبة والنميمة ، ولذلك حث الشرع في مواطن كثيرة على لزوم الصمت إلا بما فيه ذكر الله تعالى ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال الله عزوجل : { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } ( النساء : 114 ) . وينبغي أن يُعلم أن الضابط الصحيح لترك ما لا يعني هو الشرع لا مجرد الهوى والرأي ، لذلك جعله النبي صلى الله عليه وسلم أمارة على حسن إسلام المرء ، فإن البعض يدع أمورا قد دلّت عليها الشريعة بدعوى أنها تدخّل في شؤون الآخرين فيعرض عن إسداء النصيحة للآخرين ، ويترك ما أمره الله به من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر بحجة احترام الخصوصيات ، وكل هذا مجانبة للشرع وبعد عن هدى النبوة ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان تاركا لما لا يعنيه ، ومع ذلك كان ناصحا مرشدا آمرا بالمعروف ، ناهيا عن المنكر ، عاملا بأمر الله في حلّه وترحاله . َ َوخلاصة القول : إن في الحديث إرشاداً لما فيه حفظ وقت الإنسان من الضياع ، ودينه من الصوارف التي تصرفه عن المسارعة في الخيرات ، والتزود من الصالحات مما يعين العبد على تزكية النفس ، وتربيتها على معاني الجد في العمل ، نسأل الله تعالى أن يعيننا على حسن استغلال الأوقات وأن يجنبنا فضول الملذات ، إنه جواد كريم .ََ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية
تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ َعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لو يُعطى الناس بدعواهم ، لادّعى رجالٌ أموال قوم ودماءهم لكن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر ) حديث حسن رواه البيهقي وغيره هكذا وبعضه في الصحيحين .َ َالشرح َ َجبل الله النفس على الضعف ، كما قال تعالى : { وخلق الإنسان ضعيفا } ( النساء : 28 ) وهذا الضعف يشمل الضعف النفسي ، والضعف البدني وقد يصبح الضعف في بعض الأحيان مولداً للأخلاق الرديئة والصفات الذميمة ، حتى يقود الإنسان إلى أن يدّعي على أخيه ما ليس من حقّه ، فيزعم أنه قد أخذ له مالاً أو سفك له دماً ، أو أخذ أرضا ، بدعوات كثيرة ليست مبنية على دليل أو برهان ، بل هي تهم باطلة قائمة على البغي والعدوان . *** ولو كانت الموازين البشرية أو مقاييسها هي المرجعية فيما يقع بين الناس من اختلاف ، لعمت الفوضى وانتشر الظلم ، وضاعت حقوق الناس وأُهدرت دماء واستبيحت أموال بغير حق ، لكن من رحمة الله أنه لم يترك الناس هملا ، ولم يكلهم إلى أنفسهم بل شرع لهم من الشرائع ما هو كفيل بتحقيق العدل والإنصاف بين الناس ، وما هو سبيل لتمييز الحق من الباطل بميزان لا يميل مع الهوى ، ولا يتأثر بالعاطفة ولكنه راسخ رسوخ الجبال ، قائم على الوضوح والبرهان . *** ومن هذا المنطلق أورد الإمام النووي رحمه الله هذا الحديث ليكون أصلا في باب القضاء بين الناس ، إذ هو منهج يجب أن يسير عليه كل من أراد أن يفصل بين خصومات الناس ليعود الحق إلى نصابه وأهله ، ويرتدع أصحاب النفوس المريضة عن التطاول على حقوق غيرهم . *** إن هذا الحديث يبيّن أن مجرد ادعاء الحق على الخصم لا يكفي إذا لم تكن هذه الدعوى مصحوبة ببينة تبين صحة هذه الدعوى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لكن البيّنة على المدّعي ) . *** وتعريف البيّنة : اسم جامع لكل ما يظهر الحق ويبيّنه وعلى هذا فهناك أمور كثيرة يصدق عليها هذا المعنى فمن ذلك : الشهود ، فعندما يشهد الشهود على حق من الحقوق فإن ذلك من أعظم البراهين على صدق المدّعي ومن هنا أمرنا الله بالإشهاد في الدَّيْن حفظا لهذا الحق من الضياع فقال : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } ( البقرة : 282 ) . *** ومن البينات أيضا : إقرار المدعى عليه ، وهو في الحقيقة من أعظم الأدلة على صحة الدعوى ، كما ذكر ذلك الفقهاء ومن هذا الباب أيضا : القرائن الدالة على القضية وفهم القاضي للمسألة باختبار يجريه على المتخاصمين إلى غير ذلك من أنواع البيّنات . *** فإذا افتقرت هذه الخصومة إلى بينة تدل على الحق او لم تكتمل الأدلة على صحتها ، توجه القاضي إلى المدعى عليه وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالمنكر والمقصود أنه ينكر الحق الذي يطالبه به خصمه وينكر صحة هذه الدعوى . *** ويطلب القاضي من المدعى عليه أن يحلف على عدم صدق هذه الدعوى فإذا فعل ذلك ، برئت ذمته ، وسقطت الدعوى والدليل على ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن الأشعث بن قيس رضي الله عنه قال : " كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر ، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله : ( شاهداك أو يمينه ) . *** ولعل سائلا يسأل : لماذا اختص المدعي بالبينة والمنكر باليمين ؟ وما هي الحكمة من هذا التقسيم ؟ والجواب على ذلك : أن الشخص إذا ادعى على غيره أمرا فإنه يدعي أمرا خفيا يخالف ظاهر الحال فلذلك يحتاج إلى أن يساند دعواه تلك ببيّنة ظاهرة قوية تؤيد صحة دعواه ، بينما يتمسّك المنكر بظاهر الأمر ويبقى على الأصل فجاءت الحجة الأضعف وهي اليمين في حقه . *** فإذا لم يأت المدعي بالبينة ، وأنكر المدعى عليه استحقاق خصمه وحلف على ذلك ، لزم القاضي أن يحكم لصالح المنكر لأنه حكمه هذا مبني على ظاهر الأمر والحال . *** لكن ثمة أمر ينبغي التنبيه عليه ، وهو أن قضاء القاضي لا يحل حراما ولا يحل حلالا ، ولا يغير من حقائق الأمور لأن القاضي لا يعلم الغيب ، وقد يكون هناك من الأدلة الزائفة أو الشهادات الكاذبة ما يخفى عليه فيحكم بموجبها كما ثبت في البخاري و مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وأقضي له على نحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار ) ، وشدد النبي صلى الله عليه وسلم على تخويف الناس من أخذ الحرام فقال : ( من حلف على يمين يستحق بها مالا هو فيها فاجر أي كاذب لقي الله وهو عليه غضبان ) وأنزل الله تصديق ذلك : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } ( آل عمران : 77 ) .َ َوعلى أية حال : فإن هذا الحديث تربية شاملة للأمة الإسلامية على الأمانة في أقوالهم ، والعدل في أحكامهم دون النظر إلى لون أو جنس أو معرفة سابقة وجدير بمجتمع يقوم على هذه القيم أن يكتب له التمكين على الأرض . ََ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية ََ{ألا أدلك على أبواب الخير}َ َ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويباعدني من النار قال : ( لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسّره الله عليه تعبد الله لا تُشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان ، وتحجّ البيت ) ثم قال له : ( ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنّة والصدقة تطفيء الخطيئة كما يُطفيء الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل ) ثم تلا : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ : { يعملون } ( السجدة : 16 – 17 ) ثم قال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ) قلت : بلى يا رسول الله . قال : ( رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ) ، ثم قال : ( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ) قلت : بلى يا رسول الله . فأخذ بلسانه ثم قال : ( كفّ عليك هذا ) قلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ( ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم– أو قال على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم ؟ ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيحَ َامتاز الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه على غيره من أقرانه بما آتاه الله من الفهم الثاقب لتعاليم هذا الدين ، بل بلغ رتبة لم يبلغها أحد في هذا المجال وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بعلمه فقال عنه ( ... وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ) رواه أحمد . وهذا العلم الذي حباه الله به قد أثمر في قلبه الشوق إلى لقاء ربه ودخول جنات النعيم ، وذلك هو ما أهمّ معاذا وأسهره الليالي ولقد نقلت لنا كتب السير هذا المشهد ولنقصّه كما رواه لنا معاذ نفسه ، حيث قال " لما رأيت خلوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه قلت له يا رسول الله ، ائذن لي أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم ( سلني عمّا شئت ) ، قال : يا نبي الله ، حدثني بعمل يدخلني الجنة وفي رواية : ويبعدني من النار - لا أسألك عن شيء غيرها " . لقد سأل معاذ رضي الله عنه هذا السؤال وهو يعلم أن الجنة لا تنال بالأماني ، ولكن بالجدّ والعمل الصالح وقد تكفّل الله تعالى بتيسير الطريق وتذليل عقباته لمن أراد أن يسلكه حقا ، فإذا أقبل العبد على ربّه يسر له سبل مرضاته وأعانه على طاعته ، وهذا هو مقتضى قوله تعالى { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } ( محمد: 17 ) وكذلك قوله : { فأما من أعطى واتقى ، وصدّق بالحسنى فسنيسره لليسرى } ( الليل : 5 - 7 ) . وأصل الأعمال الصالحة : الإتيان بأركان الإسلام فتوحيد الله جلّ وعلا هو أساس قبول الأعمال والصلاة والزكاة والحج : من أركان الإسلام التي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم بها ، وقد تم بسط الكلام عنها في مواضع سابقة تغني عن إعادتها هنا . وبعد أن بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن دخول الجنّة مترتّب على الإتيان بتلك الأركان ، أراد أن يكافيء معاذا رضي الله عنه على سؤاله العظيم ، فدلّه على أبواب أخرى للخير . فمن تلك الأبواب : صيام التطوّع ، كما جاء في هذا الحديث ( والصوم جنّة ) ، والجنة هي ما تحصل به الوقاية فالصيام جنة للعبد من المعاصي في الدنيا وهو جنّة للعبد من النار يوم القيامة ؛ لأن العبد إذا صام لله تعالى يوما باعده الله من النار سبعين خريفا ، كما جاء في الحديث ولهذا يستحبّ للعبد أن يستزيد من صيام النوافل كيوم عاشوراء ، ويوم عرفة ، ويومي الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر ، إلى غير ذلك مما ورد في السنة . ومن أبواب الخير : صدقة التطوّع ، وفضل هذه الصدقة عظيم فإنها سبب لتكفير الذنوب وإزالتها ، وقد شبّه النبي صلى الله عليه وسلم تكفيرها للذنوب بالماء إذا صُبّ على النار فإنه يطفئها ويُذهب لهيبها ، وليس ذلك فحسب بل إنها تفيد صاحبها في عرصات يوم القيامة وتخفف عنه حرّ ذلك اليوم روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس ) والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة معلومة . أما ثالث أبواب الخير التي دلّ عليه الحديث فهو قيام الليل إنه شرف المؤمن ، وسلوة المحزون ، وخلوة المشتاق إلى ربّه وما بالك بعبد يؤثر لذة مناجاة ربّه ودعائه على النوم في الفراش الدافيء ، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( عجب ربنا من رجلين – أحدهما - : رجل ثار عن وطائه ولحافه ومن بين أهله وحيّه إلى صلاته ، فيقول ربنا : أيا ملائكتي نظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه ، ومن بين حيّه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي ) رواه أحمد في مسنده . وكأن النبي صلى الله عليه وسلم لمح في عينيّ معاذ رضي الله عنه الرغبة في معرفة المزيد ، فأتـى له بمثال يبيّن حقيقة هذا الدين ويصوّره ، وقدّم بين يدي هذا المثال تشويقا فقال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ) . لقد شبّه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالرأس لأن الرأس إذا ذهب : ذهبت معه الحياة فكذلك إذا ذهب إسلام المرء : ذهب دينه . وفي قوله : ( وعموده الصلاة ) تشبيه للصلاة بالعمود الذي لا تقوم الخيمة إلا به ، ووجه ذلك : أن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام العملية التي يتصل بها العبد بربّه وهي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر ، وكذلك فإنها من أوضح الشعائر التي تميّز المسلم عن غيره لهذا حظيت بهذه المنزلة ، وتلك المكانة . ولما كان الجهاد سببا في ظهور الإسلام ، وعاملا من عوامل انتشار هذا الدين ؛ شبّه النبي صلى الله عليه وسلم مكانته بذروة سنام الجمل ، ولئن كان الجمل متميزا بذروة سنامه ، فإن هذا الدين متميز بالجهاد ولا يخفى على المسلم فضل الجهاد وأجره وحسبنا أن نستحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( مقام أحدكم يعني في سبيل الله خير من عبادة أحدكم في أهله ستين سنة ، أما تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة ؟ جاهدوا في سبيل الله . من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة ) رواه أحمد . ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم معاذا رضي الله عنه إلى ما يحصل به إحكام الدين وإتقانه ، ليجعل ذلك خاتمة وصيته له ، لقد أرشده إلى مراقبة لسانه والمحافظة على منطقه وما ذلك إلا لشديد أثره وخطر أمره ، كيف لا ؟ وهو الباب إلى كثير من المعاصي ، فهو السبيل إلى كلمة الكفر والقول على الله بغير علم ، وشهادة الزور ، والكذب والغيبة والنميمة ، فلا ينبغي التهاون في شأن هذه الجارحة أو التقليل من خطورتها. فحفظ اللسان هو عنوان الفلاح ، وطريق السلامة من الإثم فالنبي صلى الله عليه وسلم بتحذيره من خطر اللسان يدعونا إلى تسخيره في مجالات الخير والمعروف وميادين الذكر والإصلاح ، حتى يُكتب للمرء النجاة وذلك هو غاية ما يتمناه المرء ََ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
| ||||||||||||||||||
رد: الاحاديث النبوية َ َ عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ، دلّني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبّني الناس فقال : ( ازهد في الدنيا يحبّك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس ) . الإنسان اجتماعي بطبعه ، يحبّ أن يأنس بالناس وأن يأنس به الناس ، كما يعجبه أن يكون محبوبا في مجتمعه محترما في بيئته ، لذا فهو يسعى دائما لكسب ود الناس وحبهم والعاقل من البشر من يسعى لرضى ربّ الناس قبل سعيه في كسب رضى الناس . ولا شك أن لنيل محبّة الله ثم محبّة الناس سبيل وطريق من حاد عنه ، خسر تلك المحبّة ، ومن سلكه فاز بها وأنس بلذتها ، ولذلك أورد الإمام النووي رحمه الله هذا الحديث ليكون معلما ومرشدا ، وليبيّن لنا الكيفية التي ينال بها العبد محبة ربّه ومحبة خلقه . إن محبّة الخالق للعبد منزلة عظيمة ، فهي مفتاح السعادة وباب الخير ، ولذلك فإنها لا تُنال بمجرّد الأماني ولكنها تحتاج من العبد إلى الجدّ والاجتهاد في الوصول إلى هذه الغاية وقد جاء في الكتاب والسنة بيان للعديد من الطرق التي تقرّب العبد من مولاه وخالقه ، وتجعله أهلا لنيل رضاه ومحبته وكان من جملتها ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من التخلق بخلق الزهد . والزهد هو قصر الأمل في الدنيا ، وعدم الحزن على ما فات منها وقد تنوعت عبارات السلف في التعبير عنه وأجمع تعريف للزهد هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال : " الزهد: هو ترك ما لا ينفع في الآخرة " وهذا يشمل ترك ما يضر ، وترك ما لا ينفع ولا يضر . ولا يفهم مما سبق أن الأخذ من طيبات الحياة الدنيا على قدر الحاجة ينافي معنى الزهد ، فقد كان من الصحابة من كانت لديه الأموال الكثيرة والتجارات العديدة ، كأمثال أبي بكر الصديق و عثمان بن عفان و عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين لكن هذه التجارات وتلك الأموال كانت في أيديهم ولم تكن في قلوبهم ، ولهذا ترى الصحابة رضي الله عنهم في باب الصدقة ، ومساعدة المحتاج ، والإنفاق في سبيل الله تراهم كمطر الخير الذي يعطي ولا يمنع ، ويسقي حتى يُشبِع . وعلى هذا فإن حقيقة الزهد : أن تجعل الدنيا في يدك لا في قلبك فإذا كان العبد مقبلا على ربّه ، مبتعدا عن الحرام مستعينا بشيء من المباحات ، فذلك هو الزهد الذي يدعو إليه الحديث وصدق بشر رحمه الله إذ يقول : " ليس الزهد في الدنيا تركها إنما الزهد أن يُزهد في كل ما سوى الله تعالى هذا داود و سليمان عليهما السلام قد ملكا الدنيا وكانا عند الله من الزاهدين " . ولقد وعى سلفنا الصالح تلك المعاني ، وقدروها حقّ قدرها فترجموها إلى مواقف مشرفة نقل التاريخ لنا كثيرا منها وكان حالهم ما قاله الحسن البصري رحمه الله " أدركت أقواما وصحبت طوائف ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا إذا أقبل ، ولا يأسفون على شيء منها إذا أدبر وكانت في أعينهم أهون من التراب " . لقد نظروا إليها بعين البصيرة ، ووضعوا نُصب أعينهم قول الله تعالى { يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور } (فاطر : 5 ) وقوله : { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح } ( الكهف : 45 ) فهانت عليهم الدنيا بكلّ ما فيها ، واتخذوها مطيّة للآخرة ، وسبيلاً إلى الجنّة . ثم يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم السبيل إلى محبة الناس فقال ( وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس ) ومعنى ذلك : ألا يكون القلب متعلقا بما في أيدي الناس من نعيم الدنيا ، فإذا فعل العبد ذلك مالت إليه قلوب الناس ، وأحبته نفوسهم . والسرّ في ذلك أن القلوب مجبولة على حب الدنيا وهذا الحب يبعثها على بغض من نازعها في أمرها فإذا تعفف العبد عما في أيدي الناس ، عظم في أعينهم لركونهم إلى جانبه ، وأمنهم من حقده وحسده . فما أعظم هذه الوصية النبوية ، وما أشد حاجتنا إلى فهمها والعمل بمقتضاها ، حتى ننال بذلك المحبة بجميع صورها َ َ تم النشر بقلم :ليالي مصريه |
توقيع : ليالي مصريه |
|